أهمية شارة القيادة

مدرب المنتخب الأرجنتيني أليخاندرو سابيّا يشرح لماذا اختار ليونيل ميسي كقائد للمنتخب

كُتب بواسطة جويل ريتشاردز

ذكر أليخاندرو سابيّا موضحًا: “هناك أنواع مختلفة من القادة، هناك من يتولى القيادة معتمدًا على قدراته فقط، وهناك من يتولى القيادة معتمدًا على شخصيته. وفي حالات نادرة ستجد شخصًا يجمع بين الاثنين، وهنا يمكننا القول إن هذه هي القيادة المطلقة.”

ها هو سابيّا يرتدي بدلته الرياضية في مرافق تدريب المنتخب في منطقة إيزيزا الواقعة خارج بوينس آيرس بعد ظهر يوم ممطر في منتصف الأسبوع. فهذا هو المكان الذي يتواجد فيه حيث يقضي مع طاقمه التدريبي فترات متواصلة من الخمول بين المباريات يحاول فيها دراسة أداء لاعبيه وخصومه في المستقبل، بالإضافة إلى إجراء المقابلات الفردية مع الصحافة. لا تزال لغته الإنجليزية جيدة منذ أن قضى وقتًا في شيفيلد يونايتد وليدز، ولكنه يفضل التحدث باللغة الإسبانية.

جاءت مسألة القيادة في صميم تعيين سابيّا كمدرب للأرجنتين في عام 2011، على الرغم من اعترافه قائلًا: “لا أعرف ما إذا كنت قد بذلت ما يكفي لأستحق هذه الفرصة”، إن كل ما لديه من خبرة كمدرب للفريق الأول يتمثل في قضاء فترة قصيرة — لكنها ناجحة — في فريق إستوديانتس. لقد تولى قيادة فرقة تتكون من أفضل المواهب الدولية غير أنها كانت بلا ربان، والأسوأ من الطريقة التي لعبوا بها في التصفيات المؤهلة لكأس العالم في جنوب أفريقيا، أو من أنهم لعبوا معتمدين على أربعة قلوب دفاع في الخسارة بنتيجة 4-0 أمام ألمانيا في الدور ربع النهائي لتلك البطولة، أو حتى من أنهم فشلوا في الفوز على أوروغواي على الرغم من اللعب ضد 10 لاعبين في معظم المباراة في كوبا أمريكا، كان يتمثل فيما حدث لأهم لاعب لديهم وهو ليو ميسي حيث لم يتمكن من إحراز هدفًا في 16 مباراة.

كان من الواضح أن ميسي المشهور بشخصيته الانطوائية وكلامه الهادئ لا يصنف في أي من خانتيّ سابيّا للتأهل كقائد “مطلق”، أو أن هذا لا يكون أمام الناس على الأقل. ومع ذلك، كان اختيار مهاجم برشلونة كقائد هو أول قرار اتخذه سابيّا عندما تولى مسؤولية المنتخب. تمامًا كما كان اختيار المدرب الجديد مختلفًا عن الأسماء السابقة، كان اختيار القائد الجديد كذلك أيضًا. خافيير ماستشيرانو كان قائدًا لكتيبة دييغو مارادونا. فقد قال مارادونا: “فريقي يتكون من ماستشيرانو بالإضافة إلى 10 لاعبين”، سرعان ما تطور الكلام أو انحدر إلى: “ماستشيرانو، وميسي، وجوناس (غوتييرّيز)، بالإضافة إلى ثمانية لاعبين.”

يتجنب سابيّا من الإدلاء بالعناوين الصحفية الجذابة في المؤتمرات الصحفية أو المقابلات. ولكن بعد أن كان مساعد دانيال باساريلا لمدة 13 عامًا، ومعاصرًا لمارادونا، أصبح يعرف جيدًا اثنين من قادة المنتخب الأرجنتيني الفائزين بكأس العالم. وقد أظهر كلًا من باساريلا ومارادونا مفهوم “القيادة المطلقة” كما يعرفها سابيّا. فلماذا يغير قائده؟ قال سابيّا: “ميسي مقبول كقائد، والأرجنتينيون يحتاجون دائمًا إلى قائد، مثل شخصية الأب الذي يفعل أي شيء من أجلنا، هكذا مجتمعنا. وفي حالة ليو، ساعدته شارة القيادة على الأداء الجيد وقد تولى هذه المسؤولية. وما هو جيد بالنسبة له، سيكون جيد للفريق أيضًا.”

منذ أن بدأ ميسي في ارتداء شارة القيادة، ازدهر مستواه في منتخب الأرجنتين. وقد أدى ارتفع معدل تهديفه لكل مباراة ومعادلة الرقم القياسي لغابرييل باتيستوتا للأهداف في السنة التقويمية — 12 هدفًا — إلى إسكات الاتهامات المقدمة ضده بأنه لا ينشد النشيد الوطني. لكن بالتأكيد كان لميسي دورًا مختلفًا في المنتخب الأرجنتيني عن الدور الذي يلعبه مع برشلونة. قال سابيّا: “نحن نفتقر إلى اللاعبين المبدعين، ونفتقر إلى هؤلاء اللاعبين الذين يلعبون بدماغهم ولديهم القدرة على إحداث الأشياء، لاعبين مثل إنييستا أو تشافي هيرنانديز. إذا بحثنا على مدار التاريخ، سنجد أنه كان لدينا هؤلاء اللاعبين أو على الأقل هذا النمط من اللاعبين. كان لدينا أيمار، داليساندرو، ريكيلمي، فيرون، غاياردو، أورتيجا… هذا النوع من اللاعبين الذين يتمتعون بمهارة وأسلوب كبير، والذين ابتكروا اللعب من عمق الملعب أو بالقرب من منطقة الجزاء، ولكننا لم نجد من يقوم بهذا الدور. نحن نخسر هذا النوع من اللاعبين.”

يسجل ميسي نوعًا مختلفًا من الأهداف للأرجنتين. وقال سابيّا مشيرًا إلى أسلوب الفريق المباشر: “لا يمكننا أن ننسى أن ميسي سيلعب معنا بطريقة ما وبطريقة أخرى مع برشلونة. لقد سجلنا الكثير من الأهداف عن طريق الهجمات المرتدة، لكن معظم أهدافه مع برشلونة ليست كذلك؛ لأنهم يستحوذون على الكرة ويلعبون في نصف ملعب الفريق الآخر”.

بالإضافة ما يتوافر لديه من السمات الشخصية الإبداعية التي يتميز بها اللاعبين، فإن تسلسل الأحداث من النادي إلى البلد هو أمر يخص سابيّا. قال: “يتكون منتخب إسبانيا من لاعبي برشلونة وريال مدريد، إلى جانب لاعب غريب من فريق آخر. الشيء ذاته بالنسبة لمنتخب ألمانيا. علاوة على جودة هؤلاء اللاعبين، ستجد أن التفاهم يسود العلاقات فيما بينهم. أيضًا، كما واصل ديل بوسكي عمل أراغونيس، وواصل لوف عمل كلينسمان”. ولم تكن هناك حاجة إلى التأكيد على مدى تناقض هذا الموقف مع الوضع الذي كان فيه.

دخل سابيّا إلى غرفة اجتماعات مكتظة في فندق Four Seasons في بوينس آيرس، بعد أشهر من توليه منصبه ومع صدارة منتخب الأرجنتين تصفيات أمريكا الجنوبية المؤهلة لكأس العالم دون عناء. حيث كان المتحدث الأخير في الفعالية التي شهدت حضور مدربي منتخب الأرجنتين للكرة الطائرة وكرة السلة خافيير ويبر وخوليو لاماس، يشرحان رؤيتهما حول طبيعة القيادة. تحدث غييرمو فيلاس عن الطريقة التي قام من خلالها هو وبيورن بورغ بتشكيل لعبة التنس. كان الحدث شاملًا ورائعًا بشكل غير عادي. قال صحفي أرجنتيني لا يزال يحاول التأقلم مع الحياة في بوينس آيرس بعد سنوات قضاها في إسبانيا “انظر! يمكن القيام بالأمور بشكل صحيح هنا.”

عندما قام سابيّا ليتحدث لقى ترحيبًا حارًا. بدأ خطابه متحدثًا عن رحلة قام بها مؤخرًا إلى إسبانيا قبل أن ينتقل المدرب الأصغر منهم سنًا من إسبانيول إلى ساوثهامبتون: “لقد التقيت مؤخرًا ببوتشيتينو. لقد أخبرني أنه بالنسبة له الجزء الأكثر إرهاقًا في العمل هو حديث الفريق. وأخبرته أنني أشعر بالأمر ذاته تمامًا. أنا أخشى من إلقاء هذا الحديث.”

استمر سابيّا في تقديم مخططه النموذجي للقيادة على الرغم من توتره. لقد كان بعيدًا عن خرافات أو تعبيرات المدرسة القديمة التي تبناها أسلافه كما يمكن تخيلها. وقال مشددًا على أهمية الصدق الموجع: “إن العلاقة بين المدرب واللاعبين أمرًا مقدسًا. عليك أن تكسب احترام اللاعبين، ولا يمكنك أن تكذب عليهم أبدًا.” اعترف بأنه فعل ذلك مرة واحدة ثم شعر بالسوء لدرجة أنه اعتذر كل أسبوع للاعب المعني بالأمر حتى طلب منه التوقف عن الاعتذار. وأوضح طريقته التي كان يتبعها لبناء مثل هذا الاحترام مع لاعبيه، كانت من خلال المعرفة، ومن خلال القدرة على العمل ومن خلال العلاقة الشخصية والارتباط مع الفريق.

روى قصصًا عن كيفية تعامله مع المواقف قبل مباراة بطولة كأس العالم للأندية بين إستوديانتس وبرشلونة، لكن شدد على أن السر، بغض النظر عن المباراة، يكمن في تحفيز اللاعبين. وقد طرح عرض الباور بوينت شريحة بعنوان “حديث الفريق معي” The Team Talk and Me — وتناولت الشريحة خطة مكونة من ثماني نقاط لما يغرسه في نفوس لاعبيه قبل المباراة. لقد أثرت على ما يتوقعه من لاعبيه، بدءًا من “التوازن العاطفي” إلى الحلقة الإيجابية المكونة من “التشجيع – الدعم – المساندة” التي يجب على اللاعبين إظهارها، يمكن التعبير عنها باللغة الإسبانية بعبارات أكثر جاذبية مكونة من حروف A-A-A أي (Aliento, Apoyo, Ayuda). إن السر هو غفران الأخطاء. لقد أعاد صياغة ما قاله كينيدي — “اسأل عما يمكنك أن تفعله لفريقك”، وعلى الرغم من أنه نسي اقتباس غاندي الدقيق عن التواضع وهو ما كان يبحث عنه، إلا أنه أوضح وجهة نظره. حيث قال إن الشخص الأفضل هو المهني الأفضل الذي يعمل بجد ونشاط وفقًا لفكرة التساوي في النجاح بين أفراد الفريق، والعكس صحيح.

أخيرًا، طرح موضوعًا ثابتًا في خطاب سابيّا — بغض النظر عن المكان الذي يتحدث منه — وهو الشعور بالانتماء وشرف تمثيل القميص. وقال في مؤتمره الصحفي الأول كمدرب لمنتخب الأرجنتين إنه يجب عليهم أن يحذوا حذو وسماحة بطل الاستقلال الأرجنتيني مانويل بيلغرانو، الرجل الذي “قدم كل شيء لبلده” بصفته قائد مطلق.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: